السبت، 19 مارس 2016

أتُرى الحمامَ ينوحُ من طربٍ معى .. محمود سامى البارودى


أتُرى الحمامَ ينوحُ من طربٍ معىوَنَدَى الْغَمَامَة ِ يَسْتَهِلُّ لِمَدْمَعِي؟
مَا لِلنَّسِيمِ بَلِيلَة ٍ أَذْيَالُهُ؟أَتُرَاهُ مَرَّ عَلَى جَدَاوِلِ أَدْمُعِي؟
بل ما لِهذا البرقِ مُلتهِبَ الحشا ؟أَسَمَتْ إِلَيْهِ شَرَارَة ٌ مِنْ أَضْلُعِي؟
لم أدرِ هل شعرَ الزمانُ بِلوعتىفرثى لَها ، أم هاجتِ الدُنيا مَعى ؟
فالغيثُ يَهمى رِقَّة ً لِصبابتىوَالطَّيْرُ تَبْكِي رَحْمَة ً لِتَوَجُّعِي
خَطَرَاتُ شَوْقٍ، أَلْهَبَتْ بَجَوَانِحِينَاراً يَدِبُّ أَزِيزُهَا فِي مِسْمَعِي
وَجَوًى كَأَطْرَافِ الأَسِنَّة ِ، لَمْ يَدَعْلِلصَّبْرِ بَيْنَ مَقِيلِهِ مِنْ مَفْزَعِ
يأهلَ ذا النادى ! أليسَ بكم فتى ًيَرثى لويلاتِ المشوقِ المولعِ ؟
أَبْكِي، فَيَرْحَمُنِي الْجَمَادُ، وَلاَ أَرَىخِلاًّ يَرِقُّ إِلَى شَكَاتِي، أَوْ يَعِي
فإذا دَعوتَ بِصاحبٍ لم يَلتفِتْوإذا لجأتَ إلى أخٍ لم ينفَعِ
وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنَّنِي أَشْكُوُ الْهَوَىوالذنبُ لى فى كُلِّ ما أنا مُدَّعِى
قَدْ طَالَمَا يَا قَلْبُ قُلْتُ لَكَ احْتَرِسْأَرَأَيْتَ كَيْفَ يَخِيبُ مَنْ لَمْ يَسْمَعِ؟
أوقعتَ نَفسكَ فى حبائلِ خُدعة ٍلاَ تُسْتَقَالُ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ أَوْ دَعِ
يا ظبية المقياس ! هذا مَدمعىفرِدِى ، وهذا روضُ قلبى فارتعى
إن كانَ لا يرضيكِ إلاَّ شِقوتىفلقد بلغتِ مُناكِ مِنها ، فاقنَعى
أنا منكِ بينَ صبابة ٍ لاتنقضِىأيَّامها ، وغواية ٍ لم تُقلعِ
فثِقى بِما تمليهِ ألسنة َ الهوىوَهْيَ الدُّمُوعُ، فَحَقُّهَا لَمْ يُدْفَعِ
لاتحسبى قولى خديعة َ ماكرٍإِنَّ الْوَفِيَّ بعَهْدِهِ لَمْ يَخْدَعِ
إِنِّي لأَقْنَعُ مِنْ هَوَاكِ بنَظْرَة ٍوَأَعُدُّهَا صِلَة ً إِذَا لَمْ تَمْنَعِي
هَذِي مُنَايَ، وَحَبَّذَا لَوْ نلْتُهَاعَنْ طِيبِ نَفْسٍ، فَهْيَ أَكْبَرُ مُقْنِعِ

0 التعليقات:

إرسال تعليق